26 - 06 - 2024

مدينتي الفاضلة | أبحث عنك .. نقيبا للصحافة المصرية

مدينتي الفاضلة | أبحث عنك .. نقيبا للصحافة المصرية

وأنا منهم، غاب 97% من الصحفيين عن حضور الجمعية العمومية الأولى لانتخابات النقابة.. ومطلوب اجتماع الحد الأدنى 25% ( 2500 صحفي) لانتخاب نقيب جديد انتهت مدته وكثرت تكليفاته، والتجديد النصفي لأعضاء المجلس.

 نتابع متسائلين، ماذا لو اجتمعوا للتجديد للأعضاء فقط!! ولماذا نحن واجمون!!

والأهم ، من سرق أفراح تجديد عهود عرس الصحافة!

وأجيب، تطابق وعود المرشحين نقباءً، مع وعود انتخابات سواقين التوك توك!!

أحرجتني وعود مزايا الكارنيه والـ600 جنيه!! وعودا بفلوس الزيت والأرز تهدر كرامة المهنة، وعودا تعامت عن حقوق تسليح السلطة الرابعة -"صوت آلام وأحلام الشعب"- بحصول الصحفي على المعلومات من مصادرها الرسمية.. وتأمين حرية مصداقيته.. الصحفي فارس طعامه حرية، حق، عدل.. فكرت في الابتعاد ثم تراجعت.

حنين لمكتبتها العظيمة المٌهداة من رئيس الحكومة النقراشي باشا، حافظة رسالته للنقيب محمود ابو الفتح، "أريدها منارة حضارتنا".. وحنين لاحتفالات شارع عبد الخالق ثروت بعرس الانتخابات.

الشارع الجميل الذي استقبل خطوات شبابنا الحماسية وابتهج بأصواتنا.. نتزين للعٌرس بالمبادئ، كلنا زملاء لأساتذتنا فطاحل الثقافة والفكر، مبتهجين بوجودنا داخل قلعة الحريات.. حديقة المبنى أنبتت زهورا من بذور حرية غرسها الأوائل في مارس 1941 أيام الملك فاروق.. يوم انعقاد أول جمعية عمومية بعد اعلان النقابة، وقرار احتجاب الصحف يوما، احتجاجا على تقدم نائب وفدي بمشروع قانون لتغليظ العقوبات على جرائم النشر، بسبب "حملات صحفية معارضة لحكومة الوفد"!!.. غضب الصحفيون أجبر النائب على سحب المشروع.

تنمو الحرية.. في 1968 تتضامن الصحافة مع مظاهرات طلبة الجامعة، احتجاجا على محاكمة قادة سلاح الطيران على نكسة 67.. ينبرى النقيب أحمد بهاء الدين ببيان مساندة الطلبة والعمال في حق معرفة الحقائق، مطالبا جمال عبد الناصر بتوسيع قاعدة الديمقراطية، وتوزيع الأعباء على الأغنياء أولا.. أذيع البيان وسجلت النقابة فشل المسئولين في منعها من إذاعة البيان.

تزدهر الحرية، تمتد أغصان الحرية بقرار مجلس النقابة مناهضة زيارة السادات لإسرائيل 1980.. فقرر رد غضبة الصحافة بعنف، عازما تحويل النقابة إلى ناد ممنوع من ممارسة السياسة.. ملوحا بقوانين لتقييد الحريات واستعداء الشعب على الصحفيين، وأوامر نقل وفصل اعلاميين وصحفيين معارضين لسياساته.. تصدى له النقيب كامل زهيرى، وتراجع السادات.

أثمرت الحرية.. في مايو 1995، كان عرس النقابة الأروع لجيلي.. احتشد الكل - حكومة ومعارضة - بحديقة النقابة لمواجهة تمرير مجلس النواب للقانون 93 لتنظيم الصحافة، تضمنت بنوده التى صدق عليها حسني مبارك ليلتها ، حظر الكتابة في صحف المعارضة.. قاد المعركة حسنين هيكل، ورفضنا قانون اغتيال حرية الصحافة وحماية الفساد.. احتشدنا في جمعية عمومية دائمة الانعقاد، سٌجلت فيها كلمته " أشهد ان وقائع اعداد هذا القانون هي الأقرب لأجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب.. مما يعكس أزمة سلطة شاخت في مواقعها".. غطى الصحفيون جدران النقابة بالسواد، واحتجبت الصحف الحزبية، ونظمت الصحف القومية اعتصامات بكامل محرريها.. انتهت باسقاط القانون بعد لقاء مبارك بالنقيب ابراهيم نافع والنقباء السابقين.

 يومها عاصرنا التحام الشعب بالصحافة، زهونا بحسد المحامين، وتأييد القضاة جيران شارع عبد الخالق ثروت إلى اليوم.

وفي 2006 نشطت جينات الشر، وكرر البرلمان محاولة تشريع حبس الصحفيين في قضايا النشر، بإيعاز من أحمد عز أمين السياسات بالحزب الوطني.. انتفض النقيب جلال عارف ومجلسه، وقاد كامل زهيري مظاهرات الصحفيين بكرسي متحرك.. احتجبت 26 جريدة تضامنا مع النقابة وأعلن مجلسها اعتصاما مفتوحا.. مخاطبا حسني مبارك، وسقط القانون.. إلى حين!!

وثق الشعب بالصحافة، وأصبح سلم النقابة هايد بارك مفتوحا لكل صاحب مظلمة.. لكن اختلطت أمور بعد الثورة، وغامت أيام حكم مرسي.. بات الدخول والخروج من النقابة مغامرة خطرة، وسط متحرشين أوضحهم نسوة بجلاليب سود وحشد أسود، يتطاولن علينا باليد والسباب رغم كثافة التواجد الأمني!! هل نجح استعداء الشعب للصحفيين!! تغير المشهد، أفزعنا تنقيب النقابة الثلاث سنوات الأخيرة،وتحزيمها بالسقالات بحجة تجديد الواجهة.. تحققت رغبة السادات بتحويلها إلى ناد، واستعداء الشعب علينا .. لفظتنا فابتعدنا مكتفين بوجودها، رغم تغيير هويتها وفقدانها حرارتها.

وعاد عرس مارس.. تغيبنا عن حفل الاستقبال لكننا عائدون.. يدفعنا الحنين لبراح يحلق فيه السرب مؤجلا غروب الصحف الورقية إلى حين محو الأمية وسطوع وعي الاختيار . . عائدون لأننا لازلنا نهفو ونشتاق ونستمد القوة من أصل الشجرة.. ونرتوي من أصداء أرواح روادها، وبراءة أحلامنا ومتسع عزيمتنا.

ولا زلت أفتش عن نقيب ينضم لفرسان الماضي.. أما الأعضاء فقد خبرناهم، واختبرناهم وعَلًمنا على من نتمناهم مجددا.
--------------------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!





اعلان